اكتشاف
4 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
اكتشاف
أمس الاحد عقب صلاة العشاء ألتقيت و رفيق طفولتى"محمود"عانقنى وغمرنى بكثير من الود وعندما سألنى عن وجهتى قلت له:
=إلى عيادة أخصائى القلب حيث تنتظرنى زوجتى وأختها أم صابر0
فأصر على الذهاب معى,ثم راح يعدد لى الاسباب التى منعته من زيارتنا,و السؤال عن زوجتى,عند وصولنا علمت أن زوجتى قد دخلت إلى غرفة الكشف,جلست وجلس بجوارى صديقى,وعندما هدأت جوارحنا قال لى :
= ماذا حدث لزوجتك0000؟
شعرت براحه كبيرة تجتاحنى,فأنا ومنذ زمن بعيد,زمن بطول فترة زواجى أو يقل قليلا,لم أتحدث عن نفسى مع أحد قط أو عن مشاكلى العائلية,لفنى صمت رهيب وحزن شديد لعظم ذكرياتى,فقلت له وكلماتى تتثاقل على لسانى:
=صباح يوم الثلاثاء الماضى قالت لى زوجتى وهى تضع أطباق الطعام على المائدة:
=الحفلة الساعة كام؟
ثم ذهبت إلى المطبخ دون أن تسمع إجابتى,فأنتظرت حتى عادت وهى تحمل أكواب الشاى وعندما وضعتها أمامى وجلست قبالتى قلت لها:
=بعد صلاة الظهر0
ساد صمت طويل بيننا,حاولت خلاله أن أدفع ببعض من حبات الفول وقليل من الخبز داخل جوفى00ثم حملت كوب الشاى الخاص بى ودخلت إلى غرفة نومى لارتداء ثيابى فقد كانت الساعة تقترب من الحادية عشر,فإذا بزوجتى أمامى تقول بصوت مملوء بالسخرية0
=بدلة سوده يا"محروس"0000انت رايح جنازة!!!
تعجبت من قولها و قدرتها على مايدور بداخل عقلى وقلبى0000فأنا يا صديقى أرى خروجى على المعاش بمثابة إعلان وفاة لشخصى,فقد كنت أعتقد فى شبابى أننى سأنام يوما ثم أصبح مقبورا000أما والأمر لم يحدث بالأمس فهو واقع لا محالة اليوم أو غدا00المهم يا صديقى أنه حتماً سيحدث قريباً00و قريباً جداً000وقد دفعنى هذا الاعتقاد إلى الدخول فى سباق محموم مع الحياة لتأمين المال اللازم لحياتنا وتربية الأولاد وزواجهم00فسارت حياتى على وتيرتين لا ثالث لهما00العمل والنوم00تحرسهما كلمتان:
=تعبان من الشغل؟!00مفيش وقت؟!عندى شغل؟!
لذا أرانى اليوم مؤيداً لزوجتى عندما كانت تقول لى بعد أن تتفجر براكين الغضب بداخلها من أفعالى:
= أنت ممل00لولا الأولاد والدين والعائلة لتركت لك البيت0
والعجيب يا صديقى أننى مضيت فى طريقى هذا إلى النهاية00والأعجب من ذلك أن اعتقادى هذا دفعنى اليوم إلى الاهتمام بما نسيته بالأمس فى غمرة سباقى مع الحياة00فقد تذكرت المسجد وقراءة القرآن وعمل الخير وأشياء عديدة أخرى0
آه ياصديقى 00استدعيت كل طاقات صبرى ورباطة جأشى وقلت لزوجتى وأنا لا أستطيع أن أمنع ضحكة صعدت إلى شفتى :
=انا ملك يمينك0
فأسرعت إلى دولاب الملابس وتخيرت منه ما رأت أنه الأفضل لى واعطتنى إياه 00ثم راحت تبحث لنفسها عما سترتديه وهى تقول لى دون أن تنظر نحوى :
= والله زمان يا محروس 00عدنا كما بدأنا 00 زوج وزوجة0
أتممت ارتداء ملابسى ورحت أبحث فى الأدراج عن الجورب المناسب وأنا أفكر فيما قالته زوجتى,فخروجى على المعاش بالنسبة لها نقطة فاصلة فى حياتها 00فهى تعتبر ما مضى كان سجناً طالت مدته وآن للسجين أن ينطلق 00والانطلاق فى عرفها أمانى صغيرة 00أوكما تقول والسعادة تغمرها 0
= نعيش ما لم نعشه بالأمس0
نقضى بعض من الليل على شاطئ النيل أو فى حديقة عامة00أو فى فرح أحد الأقرباء أو الجيران 00نذهب سوياً لشراء حاجياتنا أو هدايا للأحفاد 00أو نقوم سوياً بزيارة الأهل والأصدقاء وعندما تذهب بها الأمانى بعيداً تقول :
=نقضى أيام قليله على شاطئ البحر أو حتى يوم خارج بلدنا0
وقبل هذا وذاك 00تتمنى زوجتى أن نجتمع على كوب شاى فى داخل المنزل 00أو فى أى مكان 00المهم نكون معاً00لنتحدث فى كل شئ وأى شئ 00بعد أن مضت حياتنا الزوجية خالية من الكلام تماماً00نتحدث ليعذر بعضنا بعضاً عما بدر منه فى الماضى من أخطاء0
نتحدث لتقضى على الشك بداخلها من ناحيتى تجاه نساء العالم أجمع 000أوكما تقول هى عندما يصيبها الإعياء من كثرة سرد الأمانى :
=نعيش دنيانا بكل ما فيها00بعيون أخرى00بقلوب أخرى 00نعيش حلوها 00
بعد أن تعبت قلوبنا من مرها0
آه يا صديقى 00يا لا أمنيات زوجتى الصغيرة التى لم أعرف كيف أحققها 00تركت أفكارى جانباً واعتدلت فى وقفتى 00وهممت بترتيب ثيابى فإذا بيدها تسبق يدى00تنظم لى قميصى ورابطة عنقى 00لا أخفيك سراً يا صديقى 00سعدت بهذا الفعل سعادة بالغه وشكرتها 00وأنا أتأمل وجهها00وواعجبا يا صديقى مما رأت عينى00فقد اكتشف أن زوجتى مازالت تحتفظ بطفولية وجهها ورقه وعذوبة قسماته 00وزادها شعرها الأسود الذى تخللته بضع شعيرات بيضاء والمتهدل على كتفبها جمالاً فوق جمالها 00وأنا الذى ظننت أنها شاخت وتغيرت 00تعجبت من نفسى أشد العجب 00كيف لم يتح الزمان لى دقائق قليلة أو حتى دقيقة أتأمل خلالها وجه زوجتى 00عند جلوسنا للطعام أو أثناء حديث عابر00أوحتى مشاجرة 0
لا تسلنى يا صديقى000
= كيف 00؟ولماذا00؟
أسرعت إلى المرآه لأهذب شعرى 00فصُعقت مما رأيت 00فقد رأيت الشعر الأبيض يغطى رأسى تماماً0وتملء التجاعيد وجهى دققت النظر00فأختلط الأمر على حتى ظننت أننى أرى رجلاً أخر00رجل حزين بائس تعيس 00أوعلى أقل تقدير 00 رجل مريض0
سألت نفسى ,كيف لم أعر تغيرات الزمان على وجهى وشعر رأسى ذرة من تفكيرى؟ وكيف لم تستوقفنى المرآه يوماً ولو لمره واحده 00000فقلت لزوجتى متغابياً:
= متى ظهر هذا الشعر00؟ومتى ظهرت هذه التجاعيد00؟
فقالت ضاحكة وهى تحاول أن تنتهى من ارتداء ملابسها:
= من زمان يا"محروس"00أنت كئيب بالوراثة 0
قطعت كلماتها نفسى وقلبى 00فلم أُجب على تعليقها بشئ00ورحت أبحث عن الحذاء من حجرة إلى حجرة00وعندما عدت إلى حيث تقف قالت وقد أزداد ضحكها :
=ياحبيبى الطبع يغلب التطبع 00ستجد فردة حذاء هنا وستجد الأخرى فى
الصالة0
ظللت على صمتى وعملت بنصيحتها 00فأنا ياصديقى وطوال فترة زواجنا لم أقم بترتيب شئ فى بيتى 00فقط أوراق عملى وما هو مهم فى حياتنا كشهادات الميلاد والنجاح وما شابه ذلك 00أما ما عدا ذلك تركت زوجتى تفعله 00وأنا اليوم أسأل نفسى:
=هل فعلت عن قصد!؟00أم غباء؟00أم حسن نية؟00لا ادرى يا صديقى 00فقط أشعر اليوم بالخزى00وكلما تذكرت تلك السنوات 00أردد بينى وبين نفسى :
=كم كنت غريباًحقاً00!؟
المهم00خرجت خلفها من الباب وقلت لها فى محاولة للاغتذار عما مضى بعد أن وصلنا إلى الطريق العام0
=الصبر من شيم العظماء 0
نظرت إلى 00وحاولت أن تقول شيئاً فلم تستطع فنظرت ثانية إلى الطريق 00وأكملت سيرها
00فتعثرت وكادت أن تقع على الأرض فأسرعت إليها وأمسكت بيدها وأقلتها من عثرتها 00و الحقيقة التى لن تصدقها يا صديقى 00هى شعورى بدفء عجيب يسرى بداخلى عندما أطبقت بيديها على يدى00دفء أصابنى برعشة أتنفض لها قلبى00فأنا وعلى ما أذكر00لم أمسك بيد زوجتى فى طريق عام قط وطوال فترة زواجنا لم نسر معاً يوما ًكأصدقاء أو أزواج فضلاً عن أن نكون أحباء00فوحدها زوجتى تشترى حاجيات المنزل00ووحدها تشترى ملابس الأطفال 00وحدها تزور الأصدقاء والأقرباء00تتعجب يا صديقى كيف حدث هذا وظل يحدث طوال هذه السنوات 0
=نعم 00حدث 00ربما يكون السبب فى ذلك أننى ظننت أن الحب هو رعاية الأولاد وتوفير كل أحتياجاتهم وهى فى زمرتهم 00أو أن الحب هو الصبر عليها إذا غضبت 00أو أن الحب ماهو إلا جلب هدية00أو كلمة إعجاب00أو دفء فى المعاملة00ولكن00يبدو لى الآن أن الأمر كان أكبر من ذلك بكثير00آه ياصديقى مما أعانى00وصلنا إلى مكان الحفلة
قُبيل الظهر بقليل فاستقبلنى الأصدقاء كأفضل ما يكون الاستقبال وبعد صلاة الظهربدأت الحفلة بكلمة لرئيسى المباشر00تلتها كلمات عديدة لجمع غفير من الزملاء كلها تذكر محاسنى وتمطرنى بآيات المديح والحب وتخلل هذه الكلمات تقديم الهدايا وبينما الأمر كذلك00إذا بزوجتى تميل ناحيتى وهى تهمس لى قائلة:
= لو يعلموا ما أعلم عنك لأنقلب مديحهم هجاء0
فضحكت بصوت مرتفع حتى ظن الجميع أنها قالت لى ما اسعدنى وأضحكنى وظللت أضحك حتى اقبل على مديرى وزوجته وهو يقول :
= استاذ "محروس"سعيد أن أراك تضحك وبناء عليه قررت أنا وزوجتى الاحتفال بك ليلاًعلى شاطئ النيل00 احتفالاً عائلياًخاصاً0
00فى الحقيقة يا صديقى 00أصابنى كلام رئيسى هذا فى مقتل 00فأنا لا أميل إلى مثل هذه السهرات ولا أحبها 00فبدأت اجمع شتات نفسى لأعتذر له 00فوجتنى أقول:
=هناك عزاء واجب سأقوم به اللية00فأبن خالة أم فاطمة جارتنا توفى بالأمس00
فقاطعبى مديرى بإصرار غريب وراح يُعدد لى مزايا ألاحتفال ويحُضنى على الموافقة وانا أرفض بأصرار غريب 00فإذا بزوجتى تقترب منى وقد انتفخت أوداجها وأحمر وجهها وهمست فى أذنى قائلة :
=انت هتعيش وتموت تعشق الغم ! يوم من نفسى يا"محروس" !
أسرعت بالاعتذار لمديرى ولزوجته,وطلبت من أحد الزملاء أن يقلنى وزوجتى وما معنا من الهدايا إلى منزلنا00فأستجاب مشكوراً00وما هى إلا دقائق حتى كنا بداخل منزلنا0
حاولت أن اشرح لزوجتى وأُبين لها لماذا رفضت دعوة مديرى 00لم تلتفت إلى وظلت صامتة ثم اشاحت بوجهها عنى بعد أن بدلت ملابسها ودخلت سريرها 00آثرت السلامة وقلت لنفسى :
= سحابة صيف00ساعة00ثم أعتذر لها وستقبل اعتذارى كعهدى بها 00ثم تمضى حياتنا كما كانت بالأمس0
نزعت عنى ملابسى وأرتديت جلبابى وخرجت إلى الصالة :رحت أتامل هدايا الزملاء فمضى الوقت سريعاً00بعد الغروب بقليل سمعت حشرجة وبكاء مكتوم يصدر من داخل غرفة نومى حيث تنام زوجتى 00أسرعت إليها فوجتها ممده على السرير فى حالة إعياء شديد فقلت لها والخوف يمزقنى 0
= فيه إيه ؟
قالت دون أن تنظر إلى :
=جات الحزينة تفرح 00قلبى ثقيل,ونفسى مخطوف0
احسست أن جد خطيرفوجهها بدأ يأخذ اللون الأصفر وصوتها بدا لى أضعف من الضعف
أسرعت إلى التليفون وأتصلت بالدكتور وأختها "إم صابر" وبناتها وأزواجهن 00وكانت ليلة ليلاء أخذت فيها زوجتى كل أشكال الدواء وظللنا جميعاً بجوارها حتى الصباح 0
وكما ترى يا صديقى الحمد لله على كل حال ,ولا نقول إلا ما يرضى ربنا 00فقط بقى شىء واحد من المهم جداً أن تعرفه00فقد أكتشفتُ فى الايام الماضيه أننى ما كرهت زوجتى يوماً قط وأنا الذى ظننت أننى قضيت عمرى كله مناصفة بين بغضى لزوجتى ومحاوله حبها 00وقد كشفت لى تلك المحنة وبكل الصدق أنها عمرى ودنياي وخزانة زكرياتى 0
لكنى أعترف بأن هناك خطأ ما 00خطأ منعنا من الاستمتاع بنعمة الزواج 00ربما تكون البداية00ربما تكون الطريقة التى عشنا بها حياتنا 00ربما المعتقد وضغوط الحياة 0
خطأ ما يا صديقى لن أجهد نفسى فى البحث عنه فالوقت ليس فى صالحنا00فقط أريدك ان تعرف اننى احبها 00احبها ياصديقى 00احبها 00احبها 0
انتفض صديقى واقفاً عندما شاهد زوجتى وأختها تخرجان من غرفة الكشف وراح يجفف دموعى وهو يخبرنى بصوت خافت أننا فى عياده وأن كل من فيها ينظر إلينا وأن صوتى أصبح مر تفعاً جدا0
أسرعت إلى حيث تقف زوجتى ورحت اساعدها على الخروج من العيادة ودخول السيارة التى كانت فى انتظارنا ويقودها زوج ابنتها الكبرى 00عندما استقر بنا الحال انا و زوجتى بداخل السيارة قمت بإغلاق بابها وطلبت من زوج ابنتى ان ينطلق بنا وأنا أُمنّى النفس بأن يكون فى العمر بقيه فأسعدها يوماً يكون عندها بألف يوم مما مضى0
المؤلف : محمد أشرف مصطفى أبو السعود20
منقول
=إلى عيادة أخصائى القلب حيث تنتظرنى زوجتى وأختها أم صابر0
فأصر على الذهاب معى,ثم راح يعدد لى الاسباب التى منعته من زيارتنا,و السؤال عن زوجتى,عند وصولنا علمت أن زوجتى قد دخلت إلى غرفة الكشف,جلست وجلس بجوارى صديقى,وعندما هدأت جوارحنا قال لى :
= ماذا حدث لزوجتك0000؟
شعرت براحه كبيرة تجتاحنى,فأنا ومنذ زمن بعيد,زمن بطول فترة زواجى أو يقل قليلا,لم أتحدث عن نفسى مع أحد قط أو عن مشاكلى العائلية,لفنى صمت رهيب وحزن شديد لعظم ذكرياتى,فقلت له وكلماتى تتثاقل على لسانى:
=صباح يوم الثلاثاء الماضى قالت لى زوجتى وهى تضع أطباق الطعام على المائدة:
=الحفلة الساعة كام؟
ثم ذهبت إلى المطبخ دون أن تسمع إجابتى,فأنتظرت حتى عادت وهى تحمل أكواب الشاى وعندما وضعتها أمامى وجلست قبالتى قلت لها:
=بعد صلاة الظهر0
ساد صمت طويل بيننا,حاولت خلاله أن أدفع ببعض من حبات الفول وقليل من الخبز داخل جوفى00ثم حملت كوب الشاى الخاص بى ودخلت إلى غرفة نومى لارتداء ثيابى فقد كانت الساعة تقترب من الحادية عشر,فإذا بزوجتى أمامى تقول بصوت مملوء بالسخرية0
=بدلة سوده يا"محروس"0000انت رايح جنازة!!!
تعجبت من قولها و قدرتها على مايدور بداخل عقلى وقلبى0000فأنا يا صديقى أرى خروجى على المعاش بمثابة إعلان وفاة لشخصى,فقد كنت أعتقد فى شبابى أننى سأنام يوما ثم أصبح مقبورا000أما والأمر لم يحدث بالأمس فهو واقع لا محالة اليوم أو غدا00المهم يا صديقى أنه حتماً سيحدث قريباً00و قريباً جداً000وقد دفعنى هذا الاعتقاد إلى الدخول فى سباق محموم مع الحياة لتأمين المال اللازم لحياتنا وتربية الأولاد وزواجهم00فسارت حياتى على وتيرتين لا ثالث لهما00العمل والنوم00تحرسهما كلمتان:
=تعبان من الشغل؟!00مفيش وقت؟!عندى شغل؟!
لذا أرانى اليوم مؤيداً لزوجتى عندما كانت تقول لى بعد أن تتفجر براكين الغضب بداخلها من أفعالى:
= أنت ممل00لولا الأولاد والدين والعائلة لتركت لك البيت0
والعجيب يا صديقى أننى مضيت فى طريقى هذا إلى النهاية00والأعجب من ذلك أن اعتقادى هذا دفعنى اليوم إلى الاهتمام بما نسيته بالأمس فى غمرة سباقى مع الحياة00فقد تذكرت المسجد وقراءة القرآن وعمل الخير وأشياء عديدة أخرى0
آه ياصديقى 00استدعيت كل طاقات صبرى ورباطة جأشى وقلت لزوجتى وأنا لا أستطيع أن أمنع ضحكة صعدت إلى شفتى :
=انا ملك يمينك0
فأسرعت إلى دولاب الملابس وتخيرت منه ما رأت أنه الأفضل لى واعطتنى إياه 00ثم راحت تبحث لنفسها عما سترتديه وهى تقول لى دون أن تنظر نحوى :
= والله زمان يا محروس 00عدنا كما بدأنا 00 زوج وزوجة0
أتممت ارتداء ملابسى ورحت أبحث فى الأدراج عن الجورب المناسب وأنا أفكر فيما قالته زوجتى,فخروجى على المعاش بالنسبة لها نقطة فاصلة فى حياتها 00فهى تعتبر ما مضى كان سجناً طالت مدته وآن للسجين أن ينطلق 00والانطلاق فى عرفها أمانى صغيرة 00أوكما تقول والسعادة تغمرها 0
= نعيش ما لم نعشه بالأمس0
نقضى بعض من الليل على شاطئ النيل أو فى حديقة عامة00أو فى فرح أحد الأقرباء أو الجيران 00نذهب سوياً لشراء حاجياتنا أو هدايا للأحفاد 00أو نقوم سوياً بزيارة الأهل والأصدقاء وعندما تذهب بها الأمانى بعيداً تقول :
=نقضى أيام قليله على شاطئ البحر أو حتى يوم خارج بلدنا0
وقبل هذا وذاك 00تتمنى زوجتى أن نجتمع على كوب شاى فى داخل المنزل 00أو فى أى مكان 00المهم نكون معاً00لنتحدث فى كل شئ وأى شئ 00بعد أن مضت حياتنا الزوجية خالية من الكلام تماماً00نتحدث ليعذر بعضنا بعضاً عما بدر منه فى الماضى من أخطاء0
نتحدث لتقضى على الشك بداخلها من ناحيتى تجاه نساء العالم أجمع 000أوكما تقول هى عندما يصيبها الإعياء من كثرة سرد الأمانى :
=نعيش دنيانا بكل ما فيها00بعيون أخرى00بقلوب أخرى 00نعيش حلوها 00
بعد أن تعبت قلوبنا من مرها0
آه يا صديقى 00يا لا أمنيات زوجتى الصغيرة التى لم أعرف كيف أحققها 00تركت أفكارى جانباً واعتدلت فى وقفتى 00وهممت بترتيب ثيابى فإذا بيدها تسبق يدى00تنظم لى قميصى ورابطة عنقى 00لا أخفيك سراً يا صديقى 00سعدت بهذا الفعل سعادة بالغه وشكرتها 00وأنا أتأمل وجهها00وواعجبا يا صديقى مما رأت عينى00فقد اكتشف أن زوجتى مازالت تحتفظ بطفولية وجهها ورقه وعذوبة قسماته 00وزادها شعرها الأسود الذى تخللته بضع شعيرات بيضاء والمتهدل على كتفبها جمالاً فوق جمالها 00وأنا الذى ظننت أنها شاخت وتغيرت 00تعجبت من نفسى أشد العجب 00كيف لم يتح الزمان لى دقائق قليلة أو حتى دقيقة أتأمل خلالها وجه زوجتى 00عند جلوسنا للطعام أو أثناء حديث عابر00أوحتى مشاجرة 0
لا تسلنى يا صديقى000
= كيف 00؟ولماذا00؟
أسرعت إلى المرآه لأهذب شعرى 00فصُعقت مما رأيت 00فقد رأيت الشعر الأبيض يغطى رأسى تماماً0وتملء التجاعيد وجهى دققت النظر00فأختلط الأمر على حتى ظننت أننى أرى رجلاً أخر00رجل حزين بائس تعيس 00أوعلى أقل تقدير 00 رجل مريض0
سألت نفسى ,كيف لم أعر تغيرات الزمان على وجهى وشعر رأسى ذرة من تفكيرى؟ وكيف لم تستوقفنى المرآه يوماً ولو لمره واحده 00000فقلت لزوجتى متغابياً:
= متى ظهر هذا الشعر00؟ومتى ظهرت هذه التجاعيد00؟
فقالت ضاحكة وهى تحاول أن تنتهى من ارتداء ملابسها:
= من زمان يا"محروس"00أنت كئيب بالوراثة 0
قطعت كلماتها نفسى وقلبى 00فلم أُجب على تعليقها بشئ00ورحت أبحث عن الحذاء من حجرة إلى حجرة00وعندما عدت إلى حيث تقف قالت وقد أزداد ضحكها :
=ياحبيبى الطبع يغلب التطبع 00ستجد فردة حذاء هنا وستجد الأخرى فى
الصالة0
ظللت على صمتى وعملت بنصيحتها 00فأنا ياصديقى وطوال فترة زواجنا لم أقم بترتيب شئ فى بيتى 00فقط أوراق عملى وما هو مهم فى حياتنا كشهادات الميلاد والنجاح وما شابه ذلك 00أما ما عدا ذلك تركت زوجتى تفعله 00وأنا اليوم أسأل نفسى:
=هل فعلت عن قصد!؟00أم غباء؟00أم حسن نية؟00لا ادرى يا صديقى 00فقط أشعر اليوم بالخزى00وكلما تذكرت تلك السنوات 00أردد بينى وبين نفسى :
=كم كنت غريباًحقاً00!؟
المهم00خرجت خلفها من الباب وقلت لها فى محاولة للاغتذار عما مضى بعد أن وصلنا إلى الطريق العام0
=الصبر من شيم العظماء 0
نظرت إلى 00وحاولت أن تقول شيئاً فلم تستطع فنظرت ثانية إلى الطريق 00وأكملت سيرها
00فتعثرت وكادت أن تقع على الأرض فأسرعت إليها وأمسكت بيدها وأقلتها من عثرتها 00و الحقيقة التى لن تصدقها يا صديقى 00هى شعورى بدفء عجيب يسرى بداخلى عندما أطبقت بيديها على يدى00دفء أصابنى برعشة أتنفض لها قلبى00فأنا وعلى ما أذكر00لم أمسك بيد زوجتى فى طريق عام قط وطوال فترة زواجنا لم نسر معاً يوما ًكأصدقاء أو أزواج فضلاً عن أن نكون أحباء00فوحدها زوجتى تشترى حاجيات المنزل00ووحدها تشترى ملابس الأطفال 00وحدها تزور الأصدقاء والأقرباء00تتعجب يا صديقى كيف حدث هذا وظل يحدث طوال هذه السنوات 0
=نعم 00حدث 00ربما يكون السبب فى ذلك أننى ظننت أن الحب هو رعاية الأولاد وتوفير كل أحتياجاتهم وهى فى زمرتهم 00أو أن الحب هو الصبر عليها إذا غضبت 00أو أن الحب ماهو إلا جلب هدية00أو كلمة إعجاب00أو دفء فى المعاملة00ولكن00يبدو لى الآن أن الأمر كان أكبر من ذلك بكثير00آه ياصديقى مما أعانى00وصلنا إلى مكان الحفلة
قُبيل الظهر بقليل فاستقبلنى الأصدقاء كأفضل ما يكون الاستقبال وبعد صلاة الظهربدأت الحفلة بكلمة لرئيسى المباشر00تلتها كلمات عديدة لجمع غفير من الزملاء كلها تذكر محاسنى وتمطرنى بآيات المديح والحب وتخلل هذه الكلمات تقديم الهدايا وبينما الأمر كذلك00إذا بزوجتى تميل ناحيتى وهى تهمس لى قائلة:
= لو يعلموا ما أعلم عنك لأنقلب مديحهم هجاء0
فضحكت بصوت مرتفع حتى ظن الجميع أنها قالت لى ما اسعدنى وأضحكنى وظللت أضحك حتى اقبل على مديرى وزوجته وهو يقول :
= استاذ "محروس"سعيد أن أراك تضحك وبناء عليه قررت أنا وزوجتى الاحتفال بك ليلاًعلى شاطئ النيل00 احتفالاً عائلياًخاصاً0
00فى الحقيقة يا صديقى 00أصابنى كلام رئيسى هذا فى مقتل 00فأنا لا أميل إلى مثل هذه السهرات ولا أحبها 00فبدأت اجمع شتات نفسى لأعتذر له 00فوجتنى أقول:
=هناك عزاء واجب سأقوم به اللية00فأبن خالة أم فاطمة جارتنا توفى بالأمس00
فقاطعبى مديرى بإصرار غريب وراح يُعدد لى مزايا ألاحتفال ويحُضنى على الموافقة وانا أرفض بأصرار غريب 00فإذا بزوجتى تقترب منى وقد انتفخت أوداجها وأحمر وجهها وهمست فى أذنى قائلة :
=انت هتعيش وتموت تعشق الغم ! يوم من نفسى يا"محروس" !
أسرعت بالاعتذار لمديرى ولزوجته,وطلبت من أحد الزملاء أن يقلنى وزوجتى وما معنا من الهدايا إلى منزلنا00فأستجاب مشكوراً00وما هى إلا دقائق حتى كنا بداخل منزلنا0
حاولت أن اشرح لزوجتى وأُبين لها لماذا رفضت دعوة مديرى 00لم تلتفت إلى وظلت صامتة ثم اشاحت بوجهها عنى بعد أن بدلت ملابسها ودخلت سريرها 00آثرت السلامة وقلت لنفسى :
= سحابة صيف00ساعة00ثم أعتذر لها وستقبل اعتذارى كعهدى بها 00ثم تمضى حياتنا كما كانت بالأمس0
نزعت عنى ملابسى وأرتديت جلبابى وخرجت إلى الصالة :رحت أتامل هدايا الزملاء فمضى الوقت سريعاً00بعد الغروب بقليل سمعت حشرجة وبكاء مكتوم يصدر من داخل غرفة نومى حيث تنام زوجتى 00أسرعت إليها فوجتها ممده على السرير فى حالة إعياء شديد فقلت لها والخوف يمزقنى 0
= فيه إيه ؟
قالت دون أن تنظر إلى :
=جات الحزينة تفرح 00قلبى ثقيل,ونفسى مخطوف0
احسست أن جد خطيرفوجهها بدأ يأخذ اللون الأصفر وصوتها بدا لى أضعف من الضعف
أسرعت إلى التليفون وأتصلت بالدكتور وأختها "إم صابر" وبناتها وأزواجهن 00وكانت ليلة ليلاء أخذت فيها زوجتى كل أشكال الدواء وظللنا جميعاً بجوارها حتى الصباح 0
وكما ترى يا صديقى الحمد لله على كل حال ,ولا نقول إلا ما يرضى ربنا 00فقط بقى شىء واحد من المهم جداً أن تعرفه00فقد أكتشفتُ فى الايام الماضيه أننى ما كرهت زوجتى يوماً قط وأنا الذى ظننت أننى قضيت عمرى كله مناصفة بين بغضى لزوجتى ومحاوله حبها 00وقد كشفت لى تلك المحنة وبكل الصدق أنها عمرى ودنياي وخزانة زكرياتى 0
لكنى أعترف بأن هناك خطأ ما 00خطأ منعنا من الاستمتاع بنعمة الزواج 00ربما تكون البداية00ربما تكون الطريقة التى عشنا بها حياتنا 00ربما المعتقد وضغوط الحياة 0
خطأ ما يا صديقى لن أجهد نفسى فى البحث عنه فالوقت ليس فى صالحنا00فقط أريدك ان تعرف اننى احبها 00احبها ياصديقى 00احبها 00احبها 0
انتفض صديقى واقفاً عندما شاهد زوجتى وأختها تخرجان من غرفة الكشف وراح يجفف دموعى وهو يخبرنى بصوت خافت أننا فى عياده وأن كل من فيها ينظر إلينا وأن صوتى أصبح مر تفعاً جدا0
أسرعت إلى حيث تقف زوجتى ورحت اساعدها على الخروج من العيادة ودخول السيارة التى كانت فى انتظارنا ويقودها زوج ابنتها الكبرى 00عندما استقر بنا الحال انا و زوجتى بداخل السيارة قمت بإغلاق بابها وطلبت من زوج ابنتى ان ينطلق بنا وأنا أُمنّى النفس بأن يكون فى العمر بقيه فأسعدها يوماً يكون عندها بألف يوم مما مضى0
المؤلف : محمد أشرف مصطفى أبو السعود20
منقول
المغرورة حمص- في طريقي نحو المليون مشاركة
-
الأبراج العادية :
الأبراج الحمصية :
المساهمات : 4069
الأكتيفيتي : 11142
تاريخ الانضمام : 17/02/2010
الإقامة : حمهورية حمص المستقلة
العمل / الترفيه : انا منورة المنتدى نورة الامورة
المزاج : مشوشة دائما
كلمتي : حمصُ العَديَّةُ كُلُّنا يَهواكِ ............ يا كَعبةَ الأبطالِ إِنَّ ثَراكِ
غِمدٌ لسيفِ اللَه في مَثواكِ ............ ولكَم لنا من خَشعةٍ وسُجودِ
في هَيكلِ النَجوى ومن تَمجِيدِ
يا دهرُ قد طالَ البُعادُ عن الوطن ........ هل عَودةٌ تُرجى وقد فات الظَعَن
عُد بي إلى حِمصٍ ولو حَشوَ الكَفَن ........ واهتِف أتيتُ بعاثِرٍ مَردودِ
واجعَل ضريحي من حِجارٍ سُودِ
يا جارَة العاصي اليك قد انتهى ........ امَلي وانتِ المُبتَغى والمُشتَهى
قلبي يَرى فيك المَحاسِنَ كلَّها ......... وعلى هَواكِ يَدِينُ بالتَوحيدِ
يا حِمصُ يا أُمَّ الحِجارِ السُودِ
رد: اكتشاف
سبحان الله نحن لا نعرف قيمة الاخرين الا عندما نفقدهم او نوشك ان نفقدهم
فهذا الرجل لم يعرف قيمة زوجته الا عندما مرضت
هذه طبيعة معظم البشر
يسلمووووو نور قصه روعة ومؤثرة جدا
مشكورة غاليتى
فهذا الرجل لم يعرف قيمة زوجته الا عندما مرضت
هذه طبيعة معظم البشر
يسلمووووو نور قصه روعة ومؤثرة جدا
مشكورة غاليتى
mariam- المشرفة العامة
-
الأبراج العادية :
الأبراج الحمصية :
المساهمات : 7269
الأكتيفيتي : 13514
تاريخ الانضمام : 24/02/2010
الإقامة : احلى بلاد الله
المزاج : الحمد لله على كل حال
كلمتي :
رد: اكتشاف
نورتي مريومة
موضوعي اكيد الانسان هاد طبعو سبحان الله
لا يعرف قيمة الشيئ الا ليفقده نورتي
موضوعي اكيد الانسان هاد طبعو سبحان الله
لا يعرف قيمة الشيئ الا ليفقده نورتي
المغرورة حمص- في طريقي نحو المليون مشاركة
-
الأبراج العادية :
الأبراج الحمصية :
المساهمات : 4069
الأكتيفيتي : 11142
تاريخ الانضمام : 17/02/2010
الإقامة : حمهورية حمص المستقلة
العمل / الترفيه : انا منورة المنتدى نورة الامورة
المزاج : مشوشة دائما
كلمتي : حمصُ العَديَّةُ كُلُّنا يَهواكِ ............ يا كَعبةَ الأبطالِ إِنَّ ثَراكِ
غِمدٌ لسيفِ اللَه في مَثواكِ ............ ولكَم لنا من خَشعةٍ وسُجودِ
في هَيكلِ النَجوى ومن تَمجِيدِ
يا دهرُ قد طالَ البُعادُ عن الوطن ........ هل عَودةٌ تُرجى وقد فات الظَعَن
عُد بي إلى حِمصٍ ولو حَشوَ الكَفَن ........ واهتِف أتيتُ بعاثِرٍ مَردودِ
واجعَل ضريحي من حِجارٍ سُودِ
يا جارَة العاصي اليك قد انتهى ........ امَلي وانتِ المُبتَغى والمُشتَهى
قلبي يَرى فيك المَحاسِنَ كلَّها ......... وعلى هَواكِ يَدِينُ بالتَوحيدِ
يا حِمصُ يا أُمَّ الحِجارِ السُودِ
رد: اكتشاف
قصة مؤثر انستي تسلم ايدك
حب حياتي- طموحي وصل للـ 100 مشاركة
-
الأبراج العادية :
الأبراج الحمصية :
المساهمات : 75
الأكتيفيتي : 5349
تاريخ الانضمام : 08/08/2010
الإقامة : حمص
المزاج : سيء للغاية وبحاجة للاصلاح
رد: اكتشاف
عنجد القصة مؤثرة بالفغل
الحلو- الطريق نحو الألف ينتهي قريباً
-
الأبراج العادية :
الأبراج الحمصية :
المساهمات : 956
الأكتيفيتي : 6677
تاريخ الانضمام : 15/02/2010
الإقامة : حمص
العمل / الترفيه : اعمل بمعهد
المزاج : كما تدين تدان
كلمتي : سبحان الله وبحمده عدد خلقه وزيتة عرشه
ورضا نفسه ومداد كلماته
مواضيع مماثلة
» اكتشاف جديد يهم الشباب
» اكتشاف مركز مشاعر الكراهية في مخ الإنسان
» اكتشاف مغارة في منطقة أريحا بمحافظة ادلب تعود للفترة الرومانية
» اكتشاف مركز مشاعر الكراهية في مخ الإنسان
» اكتشاف مغارة في منطقة أريحا بمحافظة ادلب تعود للفترة الرومانية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى