أوهام متأصلة

من طرف **أبو ماجد** 25/10/2010, 12:53 am

أوهام متأصلة

يولد الانسان فيجد نفسه وسط بيئة ومجتمع وأسرة تؤثر جميعها فيه تأثيراً عميقاً وتطبعه بطابعها حتى نهاية حياته وقبل أن يصبح قادراً على التمييز وفرز الجيد من السيء تكون مجموعة أخلاقه وقيمه الاجتماعية قد رسخت في عقله بحكم التقليد أو التلقين من الوالدين والوسط المحيط

وتبدأ القصة بخلق شخصية غامضة مخيفة تستعملها الأم خاصة لدفع أولادها الصغار لطاعتها وتنفيذ أوامرها دون مجرد سؤال عن حقيقة هذه الشخصية ( أبو همامو – الخطافة – النورية ......الخ ) وتكون هذه الشخصية عادة ليلية مما يعطي الليل صفة غامضة ومخيفة

وعندما يكبر الأولاد قليلاً ويبدؤون بطرح الأسئلة وبدل محاولة الاجابة عنها بشكل يقترب من أفهامهم المتفتحة الفتية يقدم الأهل لهم اجابات ليست خاطئة وغير منطقية فحسب بل تسيء لتقدير الأولاد لذواتهم وشخصياتهم وتوقعهم في حيرة ولبس ،كما لو سأل الولد أمه : من اين أو كيف جئت انا يا ماما ؟ فتجيبه الأم اجابات مختلفة لكنها تؤدي لنتيجة واحدة مزيد من الارتباك والحيرة في ذهن الولد كما لو أجابته :

- عثرنا عليك تحت السرير أو في شوال السكرأو في الحاوية أو فتحنا باب الدار فوجدناك أو اعطنا اياك العصفورة ..... الخ .

وتعتقد الأم انها بذلك تؤجل الاجابة الصحيحة أو الحقيقية أو تطمسها حرصاً منها على الأخلاق والعادات والتقاليد التي تحرم الخوض في هكذا مواضيع وخاصة بين الأهل واطفالهم ويصبح الطفل مراهقاً أو مراهقة وتتسرب إلى عقله أخبار وروايات وخرافات واساطير عن هذا الموضوع وغيره لأنه لايملك مصدر موثوق وصريح وعلمي للمعلومات .

وربما لجأ الأهل لاسكات أولادهم عند طرح هكذا اسئلة بطريقة فجة وعدائية فينطوي الأطفال على أنفسهم وتنشأ لديهم عقد نفسية ويعتادون عدم السؤال خشية المواجهة والاسكات فيتأخر مستواهم العلمي والاجتماعي لأن من لايسأل لا يتعلم ولأن السؤال ليس عيباً وتنهار ثقتهم بأنفسهم وبالكبار وبالمجتمع وينشؤون عدوانيين وربما يمارسون سلوكيات عدوانية تضرهم وتضر مجتمعهم

ومع دخول الجامعة تتسع دائرة المحظورات الاجتماعية والعامة وتطفو على السطح ظاهرة احترام رأي الأكبر سناً بشكلها السلبي أي مجرد كون المتحدث كبيراً في السن فهذا يعطيه الحق بالانفراد بالرأي وفرضه على الباقين الأصغر سناً واحتكار الحقيقة بزعمه دون أن يستطيع هؤلاء مجرد التعقيب أو المعارضة والا اعتبروا مدانين اجتماعياً واخلاقياً .

أمام هذه الضغوط المحيطة بالشاب والتي تثقل عقله وقلبه يجد ضالته في شبكة الانترنت والقنوات الفضائية وهي قنوات اعلامية تكون في الأعم الأغلب ذات اجندات أجنبية موجهة ومعادية وتبذر بذوراً سامة في عقل الشاب وربما أوصلته إلى أحد التطرفين اما التطرف الديني ومعاداة وتكفير المجتمع أو التطرف الاباحي وانعدام الاخلاق والسباحة مع التيار الجارف الذي يبث عبر هذه الأقنية وصولاً لارتياد الملاهي الليلية وعلب الليل والانفلات الأخلاقي وكلا الحالتين يعود بالوبال على المجتمع ككل .

فنحن لانريد لأجيالنا الطالعة هذه الثقافة العولمية المائعة التي تؤسس لاتباع النموذج الأميركي أو الأوروبي في الحياة والتخلي عن أي ثقافة وطنية خاصة أو تراث حضاري وطني اصيل

فالشباب عماد أي نهضة أو تطوير أو تقدم ممكن ولا نريد لشبابنا الوقوع ضحية هذه الثقافة الأغترابية أوالتسبب في وقوعهم ضحيتها بسبب الجهل وانعدام الوعي واللاعقلانية وسيطرة قيم التخلف المتوارثة والتي لابد من التخلص منها لاصلاح مجتمعنا وبالتالي تطوير بلدنا ونهضته .

من طرف **mariam** 26/10/2010, 10:26 pm

الف شكر ابو ماجد على المقال الهام
والذى يناقش مشكلة هامة فى مجتمعاتنا العربية
وهى غياب الحوار بين الابناء والاباء
فينشأ فجوة بينهم
ويسعى الابناء لتلقى المعلومات من جهات اخرى
غالبيتها تكون سيئة كما ذكرت انت
مشكورة مرة ثانية على الموضوع الرائع

أوهام متأصلة

أوهام متأصلة

رد: أوهام متأصلة