من الضحية

من طرف **rahma** 7/11/2009, 5:44 am

إذا كان خيار القلب يقود إلى أن يكون مَن اختار طريق قلبه هو الضحية، فإنَّ أصحاب خيار العقل هم الجلادون!!

بهذه النتيجة البلهاء،

أستطيع نفيَ أن يكون القلب قلباً، وأن يكون العقل عقلاً..

حسناً، لنعد إلى أول الحكاية، لنعد إلى أول لحظة التقت بها عيون عاشقَين.. هنا، تبدأ دورة حياتهما بالذهاب إلى الجمع، أو لأكن أكثر دقة إلى التثنية،

هما اثنان، بخيار العقل والقلب معاً، أو لنكن أكثر دقة بخيار القلب وحده..

إذاً، هي اختارته، وهو اختارها، هو تبعها، وهي تبعته، والآن ماذا؟

هما يطلبان مباركة المجتمع، لنقل الأَوْلى، وهم الأقربون، لكن خيار الرفض كان حاضراً.. تبعت قلبها، تبعت من تحب.. لا ضعفاً ولا كذباً، هو خيار، أحلاه حلو، وأمره حلو.. ثم ماذا؟

ثم عاشا بثبات ونبات وخلَّفا صبياناً وبنات،

أو لنكن أكثر دقة، لم يدخل الثبات والنبات ولا الصبيان والبنات إلى حياتهما..

اختلفا، افترقا، عادت إلى المجتمع وحيدة، وعاد إلى المجتمع وحيداً.. إذاً، مَن الضحية ومَن الجلاد؟
كان عليَّ أن أجيب بلا تردُّد: هي

-أيها السادة- هي الضحية، ثم أتابع في مرافعتي: ولكنها أخطأت أيضاً، حين تبعت قلبها دون تفكير بالعواقب.. جلاد، تحوَّلت إلى جلاد.. حسناً،
لأكن أكثر دقة، تحوَّلت إلى ضحية حين حوّلتها إلى ضحية.. لا، لا يوجد ضحايا هنا ولا محكمة!!

هل أقول مَن تبع قلبه فهو ضحية، ومَن تبع عقله فهو جلاد؟..

لن أفعل، لأنَّ الضحية الوحيدة هنا، هو الحب، لأنه دائماً يجعلنا نبحث عن ضحايا..

مَن أحبَّ مِن قلبه، حتى ولو خسر الدنيا كلها فلن يكون ضحية.. امرأة كانت أم رجلا، في الحب لا يوجد ضحايا، يوجد فقط جلادون..!!

تقول الحكاية إنَّ الذئب يريد أن يأكلَ ليلى،

ولكنَّ ليلى بذكائها استطاعت أن تردَّ كيد الذئب إلى نحره، بل وحوَّلته عبرةً لمن يعتبر.

إذاً ليلى لم تكن ضحية، حتى وإن كان الذئب الشرس خصمها،

فما بالكم إذا كان هذا الخصم عاشقاً أراد أن يقول: ليلى أنت حبيبتي وكفى؟ هنا تعيد ليلى حكاية الذئب على مسمع الجميع،
تريد أن تقول لهذا العاشق: أنت لم تحبني، أنت فقط تريد أن تأكلني وأن تحوّلني إلى ضحية أمام مجتمع يطلب منك أن ترفع رأسي بأن تدفع لي مهرا أتباهى به،

وأن تسكنني بيتاً أجمل من بيوت صديقاتي، وأن تصنع لي احتفالاً يكون حديث الناس.. ليلى،

وكي تتخلَّص من عقدة الضحية، لا تريد رجلاً يحبّها، بل تبحث عن ذئب تنتقم منه!.

وإلا ما معنى أن تتحوّل ضحكاتها،

ومواعيد غرامها، ولهفة قلبها، ودفاعها المستميت عن قلبها.. إلى جولة دامية من الصراع مع تلك الضحكات والمواعيد ولهفة القلب؟!..

ما معنى أن تسقط ليلى تاريخها مع من أحبَّها إلى تاريخ المرأة مع الرجل؟!..

لا معنى أبداً لما تفعل، سوى أنها -وفي لحظة تتطابق فيها حكاية الذئب الذي يريد أن يفترسها مع حكاية الرجل الذي أحبها- لم تنسَ أنها الحمل، وأنها الضحية..

وكأنَّ الحبَّ، الذي عاشته مع من أحبَّها، قد أصبح مقصلة اجتماعية تتربَّص برأسها؛
ذلك الرأس الذي قدَّمته طائعةً ليغفو بكلّ أمان على صدر العاشق..

إذاً ليقطع رأس الحبّ لأنه المتهم في جعلنا ضحايا!!؛

حتى وإن كان الذئب!! هو الخاسر الوحيد في نهاية الحكاية!!.