عيد المعلم
صفحة 1 من اصل 1
عيد المعلم
للمعلم في عيده
176/3/2011
مع الصبح الربيعي الجميل استفاق على صوت منبهه الفيزيولوجي 00استقبل نقر العصافير على زجاج نافذته المطلّة على حديقة منزله بفرح عارم 00وقبل أن يرشف قهوته كالمعتاد تفقد أزرار الورد وهي في طريقها إلى التفتح
أتاه صوت زوجته من الداخل 00عرف أنّ قائمة الطلبات اليومية قد أصبحت جاهزة وما عليه إلا تنفيذها 000حمل دفتر التحضير ومضى إلى المدرسة 000في الطريق لسعته نسمات أذارية باردة 00أغلق سترته الجلدية على جسده المرتجف 00رأى تلاميذ المدرسة بثيابهم وقبعاتهم الصوفية يقفزون على الرصيف الممتد بمحاذاة الطريق وكأنهم أرانب بيضاء جميلة 00تمنى أن يضم كل واحد منهم ويقبّله 00إنهم أولاده الذين رباهم على عشق الحرف والكلمة 000داعب من هم على يمينه ,ومن هم على يساره 00تذكر قائمة المصاريف التي باتت تشكل عبئاً على كاهله, وقسط البيت الذي لم ينته حتى الآن 00وأمه المريضة وأدويتها التي تستنفذ ربع راتبه وزوجته التي تحاول تقليد جارتها التي يأتيها المال دون تعب فزوجها كما يبدو –فتحت له طاقة من ذهب ويده خفيفة وطويلة. عاد إلى ساحة ذاكرته 00استذكر مصروف أولاده الثلاثة الجامعيين الموزعين في ثلاث مدن 000مصروفهم في حده الأدنى بل والأقل من الأدنى هو عبء ثقيل ولكن ماذا يفعل ؟ هم أمانة في عنقه لذلك رهن نفسه للدروس الخصوصية فهو من بيت إلى بيت ومن طالب إلى آخر 00الحياة بشقائها وتعبها امتصّت كل دقيقة ,وكل ثانية هي من حقه ليرتاح 00لا يعرف كيف ينتهي الدوام المدرسي ليعود إلى البيت ويتناول لقمة على عجل ثم ينطلق لتحصيل رزقه , وأحياناً قد يتناول سندويشة فلافل في مطعم شعبي ويزدرد بعدها كأساً من الماء ثم يواصل مسيرة الشقاء اليومي 0 عندما أنهى تحصيله الجامعي لم يكن يعرف أنّ الحياة صعبة إلى هذا الحدّ ,وأنّ لقمة العيش الحلال لا تأتي إلا بشق النفس ,وأنّ أسرة صغيرة مثل أسرته تحتاج إلى ضعف راتبه ,وأنّ الركض وراء اللقمة استنزفت طاقاته الجسدية كلها 00صار يحلم بسهرة تجمعه مع أفراد أسرته دون أن يغفو عشرات المرات وهو قاعد 000أو بزيارة لأقاربه الذين لم يعد يعرف أخبارهم إلاّ عبر أسلاك الهاتف. هذه اللقمة استهلكته تماماً 000يقترب من المدرسة 00أصوات الطلاب في الباحة توقظ في نفسه صوراً من الماضي أيام كان طالباً مراهقا لا يعرف إلاّ الدراسة واللهو مع أصدقائه, ومراسلة ابنة الجيران 000 يومها لم يكن على دراية بهموم أبيه الفلاح البسيط الذي ينتظر غيث السماء التشريني بفارغ الصبر لينبت قمحه المبذور في الحقل 000وإذا أحجمت السماء عن المطر كان يتضرع إلى الله ,ولأنّ الله يعرف حاجة الفقراء للمطر كان يستجيب الدعاء 00يومها كان أبوه يذرف الدموع فرحاً لأنّ باستطاعته أن يؤمن لابنه مصاريف الدراسة 000 يقترب من المدرسة 000ينتشي بأصوات الطلاب.. يدخل الباب الرئيسي 00يقف مع المعلمين .0يحيي العلم العربي السوري 00 يدخل الصف يقف الطلاب احتراماً لمعلمهم 00بأيديهم باقات ورد جميلة يقدمونها إليه 00وبصوت واحد يرددون "كل عام وأنت بخير " يستبشر بوجوههم الغضة ,النضرة ,الطرية .. يرى المستقبل مشرقاً أمامهم 00يفتح نوافذ فرحه للحياة 00يحمل الطبشورة,وعلى السبورة يكتب عنوان الدرس ,ثم يبدأ الشرح
نجاح حلاس
176/3/2011
مع الصبح الربيعي الجميل استفاق على صوت منبهه الفيزيولوجي 00استقبل نقر العصافير على زجاج نافذته المطلّة على حديقة منزله بفرح عارم 00وقبل أن يرشف قهوته كالمعتاد تفقد أزرار الورد وهي في طريقها إلى التفتح
أتاه صوت زوجته من الداخل 00عرف أنّ قائمة الطلبات اليومية قد أصبحت جاهزة وما عليه إلا تنفيذها 000حمل دفتر التحضير ومضى إلى المدرسة 000في الطريق لسعته نسمات أذارية باردة 00أغلق سترته الجلدية على جسده المرتجف 00رأى تلاميذ المدرسة بثيابهم وقبعاتهم الصوفية يقفزون على الرصيف الممتد بمحاذاة الطريق وكأنهم أرانب بيضاء جميلة 00تمنى أن يضم كل واحد منهم ويقبّله 00إنهم أولاده الذين رباهم على عشق الحرف والكلمة 000داعب من هم على يمينه ,ومن هم على يساره 00تذكر قائمة المصاريف التي باتت تشكل عبئاً على كاهله, وقسط البيت الذي لم ينته حتى الآن 00وأمه المريضة وأدويتها التي تستنفذ ربع راتبه وزوجته التي تحاول تقليد جارتها التي يأتيها المال دون تعب فزوجها كما يبدو –فتحت له طاقة من ذهب ويده خفيفة وطويلة. عاد إلى ساحة ذاكرته 00استذكر مصروف أولاده الثلاثة الجامعيين الموزعين في ثلاث مدن 000مصروفهم في حده الأدنى بل والأقل من الأدنى هو عبء ثقيل ولكن ماذا يفعل ؟ هم أمانة في عنقه لذلك رهن نفسه للدروس الخصوصية فهو من بيت إلى بيت ومن طالب إلى آخر 00الحياة بشقائها وتعبها امتصّت كل دقيقة ,وكل ثانية هي من حقه ليرتاح 00لا يعرف كيف ينتهي الدوام المدرسي ليعود إلى البيت ويتناول لقمة على عجل ثم ينطلق لتحصيل رزقه , وأحياناً قد يتناول سندويشة فلافل في مطعم شعبي ويزدرد بعدها كأساً من الماء ثم يواصل مسيرة الشقاء اليومي 0 عندما أنهى تحصيله الجامعي لم يكن يعرف أنّ الحياة صعبة إلى هذا الحدّ ,وأنّ لقمة العيش الحلال لا تأتي إلا بشق النفس ,وأنّ أسرة صغيرة مثل أسرته تحتاج إلى ضعف راتبه ,وأنّ الركض وراء اللقمة استنزفت طاقاته الجسدية كلها 00صار يحلم بسهرة تجمعه مع أفراد أسرته دون أن يغفو عشرات المرات وهو قاعد 000أو بزيارة لأقاربه الذين لم يعد يعرف أخبارهم إلاّ عبر أسلاك الهاتف. هذه اللقمة استهلكته تماماً 000يقترب من المدرسة 00أصوات الطلاب في الباحة توقظ في نفسه صوراً من الماضي أيام كان طالباً مراهقا لا يعرف إلاّ الدراسة واللهو مع أصدقائه, ومراسلة ابنة الجيران 000 يومها لم يكن على دراية بهموم أبيه الفلاح البسيط الذي ينتظر غيث السماء التشريني بفارغ الصبر لينبت قمحه المبذور في الحقل 000وإذا أحجمت السماء عن المطر كان يتضرع إلى الله ,ولأنّ الله يعرف حاجة الفقراء للمطر كان يستجيب الدعاء 00يومها كان أبوه يذرف الدموع فرحاً لأنّ باستطاعته أن يؤمن لابنه مصاريف الدراسة 000 يقترب من المدرسة 000ينتشي بأصوات الطلاب.. يدخل الباب الرئيسي 00يقف مع المعلمين .0يحيي العلم العربي السوري 00 يدخل الصف يقف الطلاب احتراماً لمعلمهم 00بأيديهم باقات ورد جميلة يقدمونها إليه 00وبصوت واحد يرددون "كل عام وأنت بخير " يستبشر بوجوههم الغضة ,النضرة ,الطرية .. يرى المستقبل مشرقاً أمامهم 00يفتح نوافذ فرحه للحياة 00يحمل الطبشورة,وعلى السبورة يكتب عنوان الدرس ,ثم يبدأ الشرح
نجاح حلاس
حسان- طموحي وصل للـ 100 مشاركة
-
الأبراج العادية :
الأبراج الحمصية :
المساهمات : 91
الأكتيفيتي : 5131
تاريخ الانضمام : 09/03/2011
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى